الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية

تتمة للمحاضرات التي بدأناها هذا السداسي لشرح نظرية الحق طبقا للقانون الجزائري اضع تحت تصرفكم ملخصات المواضيع المتبقية ابتداء من مميزات الشخصية القانونية للشخص الطبيعي عدا الاسم الذي تطرقنا اليه في آخر محاضرة.

المحاضرة الأولى: مميزات الشخصية القانونية للشخص الطبيعي - الحالة-

الحالة هي مجموعة الصفات التي يضعها القانون في عين الاعتبار لتحديد مدى صلاحية الانسان لاكتساب الحقوق والالتزام بالواجبات، منها ما يتعلق بوضعية الانسان تجاه الدولة وهي الحالة السياسية، ومنها ما يتعلق بوضعه في اسرته وهي الحالة العائلية، ومنها ما يخص الديانة التي يتبعها الشخص وهي الحالة الدينية.

أولا: الحالة السياسية

تتوضح بالرابطة القانونية التي بين الفرد و الدولة التي ينتسب اليها، وهي الجنسية، فبها يتميز المواطنون عن الأجانب المقيمين في إقليم الدولة، بحيث يحدد قانون الدولة الشروط التي على أساسها يكتسب الجنسية، الحقوق والواجبات التي يتمتع بها من المواطن من غيره.

يتمتع الفرد بالجنسية بطريقتين: اما ان تثبت له بقوة القانون دون حاجة لاي شرط شكلي، فور مولده واتصاله بالحياة وتسمى في هذه الحالة بالجنسية الاصلية، او ان تكون عرضية؛ أي لا تلحق بالفرد فور مولده وانما تطرأ عليه خلال حياته وتسمى بالجنسية المكتسبة وهناك من يسميها بالجنسية المختارة لان إرادة الفرد تلعب دورا في اكتسابها.

تكون الجنسية اصلية بناء على الأصل العائلي الذي ينحدر منه الشخص و يسمى بحق الدم استنادا الى صلة النسب، أي ثبوت نسب المولود الى اب وطني او الى ام وطنية، و تختلف الدول العربية في تطبيق هذا الأساس بين معتمد على جهة الاب بصفة أساسية و حق الدم من جهة الام بصفة استثنائية كأن يكون الاب عديما للجنسية او مجهولا، و بين التسوية بين الاب و الام في نقل الجنسية للأبناء كما ينص عليه قانون الجنسية الجزائري[1].

اما الأساس الثاني للجنسية الاصلية فهو حق الإقليم حيث تثبت للفرد جنسية الدولة التي ولد على اقليمها بغض النظر عن جنسية والديه، و غالبية التشريعات العربية نصت على هذا الحق -لاعتبارات إنسانية و لتفادي وقوع المولود في حالة انعدام جنسية- بتوفر شروط معينة، فمثلا في قانون الجنسية الجزائري يكتسب المولود من ابوين مجهولين او اب مجهول و ام مسماة و مجهولة الجنسية، وحديث الولادة الذي عثر عليه في الجزائر، الجنسية الجزائرية[2]

في حين تكتسب الجنسية وهو ما يسمى بالتجنس[3]، لأسباب تتعلق بالإقامة في إقليم الدولة بصفة مستمرة لمدة معينة، يحددها القانون الجزائري بسبع سنوات على الأقل[4]. وتكتسب بالزواج المختلط أي بزواج الأجنبي من وطنية اذ يفيد القانون الجزائري الأجنبي زوج الوطنية من تخفيض في مدة الإقامة المفروضة الى عامين على الاقل شرط ان يكون الزواج فعليا لثلاث سنوات على الأقل قبل تاريخ تقديم طلب التجنس[5]، والفرضية الثانية: زواج الأجنبية بالوطني، في هذه الحالة افاد القانون الجزائري الزوجة الأجنبية من تخفيض في مدة الإقامة الواجبة للتجنس.

كما قد تمنح الجنسية -دون شروط واستثناء-اعترافا بفضل الأجنبي على الدولة او تعويضا له على ما فقده خدمة لمصالحها من باب التشريف والعرفان بالجميل[6].

في حالة تعدد الجنسيات يطبق القاضي الجنسية الحقيقية، وفي حالة كان من بين هذه الجنسيات الجنسية الجزائرية يأخذ القاضي بها وحدها. كما قد لا يكون للشخص أي جنسية كان تسحب منه الدولة جنسيتها وعدم تمكنه من اكتساب جنسية دولة أخرى وهو ما يلقب بعديم الجنسية.

تظهر أهمية الجنسية في منح أصحابها حقوقا معينة ذات أهمية خاصة للدول تمنعها عن غيرهم كحق تولي الوظائف العامة في الدولة والترشح للمناصب السياسية والانتخاب وتكوين أحزاب سياسية وامتلاك العقارات، كما تفرض عليهم واجبات لا تفرضها على الأجانب كأداء الخدمة الوطنية ودفع بعض الضرائب.

ثانيا: الحالة الدينية

ينص الدستور الجزائري على ان الإسلام دين الدولة غير ان هذا لا يمنع من التزام الدولة بالسماح بحرية الاعتقاد شرط ان لا يخالف ذلك قوانين الدولة كالمساس بالشعائر الدينية او القيام بالحملات التبشيرية. وحتى ان كان مبدئيا المخاطبون بالقانون متساوين في الحقوق والواجبات بغض النظر ن انتماءاتهم الدينية او العقائدية الا ان بعض الاحكام وخاصة منها ما يتعلق بالاحوال الشخصية يتأثر تأثرا بالغا بالديانة التي يعتنقها الشخص. اذ لا يجوز مثلا زواج المسلمة بغير المسلم بينما يجوز للمسلم الزواج من نصرانية او يهودية، كذا لا يرث مسلم من غير مسلم ولا غير مسلم من مسلم، فهذه الاحكام الشرعية لها تطبيقها في القانون الجزائري غير ان للاجنبي غير المسلم ان يتمسك بقانون دولته كونه لا يخضع لاحكام الدين الإسلامي في احواله الشخصية.

ثالثا: الحالة العائلية

تقوم الحالة العائلية على القرابة التي تعني الصلة التي تربط بين شخصين ويرتب عليها القانون اثرا، وتكن اما بناء على الدم وتسمى حينها قرابة النسب او على علاقة الزواج وتسمى حينئذ قرابة المصاهرة.

1-أنواع القرابة:

أ-قرابة النسب: تقوم بين اشخاص يجمعهم اصل مشترك[7] من ناحية الاب او الام، وهي نوعان: قرابة مباشرة وقرابة الحواشي

أ-1-القرابة المباشرة: وتسمى أيضا بقرابة الخط المستقيم وهي منحصرة في عمود النسب أي انها تتهندس بشكل عمودي[8] تقوم على أساس الرابطة بين الأصل والفرع نزولا والفرع والاصل صعودا، ومثال ذلك الصلة بين الاب والابن او بين الحفيد والجد فتكون نازلة في الحالة الأولى وصاعدة في الحالة الثانية.

وتحتسب درجة القرابة المباشرة على اعتبار كل فرع درجة عند الصعود الى الأصل مع عدم احتساب الأصل[9] فالقرابة بين الابن وابيه هي قرابة من الدرجة الأولى فالابن درجة والاصل (الاب هنا) لا يحتسب ، وابن الابن هو الدرجة الثانية من القرابة لجده: ابن الابن هو الدرجة الأولى والابن(الاب) هو الدرجة الثانية والأب(الجد) هو الأصل لا يحتسب.

أ-2-قرابة الحواشي: هي القرابة التي بين من يجمعهم اصل مشترك دون أي يكون احدهم فرعا للاخر، مثاله قرابة الأخ لاخيه يجمعهما اصل واحد هو الاب، والاعمام والعمات والاخوال والخالات وفروعهم للشخص يعتبرون قرابة حواشي يجمعهم اصل واحد الجد والجدة لاب (بالنسبة للاعمام واولادهم) والجد والجدة لام (بالنسبة للاخوال واولادهم) .

وتحتسب درجة الحواشي صعودا من الفرع الى الأصل ثم نزولا من الاصل الى الفرع الثاني دون احتساب الأصل المشترك، وبذا يكون الأخ في درجة القرابة الثانية لاخيه او لاخته اذ يحتسب الأخ درجة صعودا الى الاب (لايحسب درجة لانه اصل مشترك) والاخ الثاني او الأخت درجة ثانية، كذا ابن الخال قريب من الدرجة الرابعة لابنة خالته فابن الخال درجة وامه درجة ثانية والجدلا يسب لانه اصل مشترك والخالة درجة ثالثة وابنتها الدرجة الرابعة.

ب-قرابة المصاهرة: هي القرابة التي تنشأ بين احد الزوجين وقرابة الزوج الاخر، بحيث يعتبر أقارب احد الزوجين بنفس درجة قرابته للزوج الاخر[10]، وبذل يكون اب الزوجة وامها أقارب للزوج من الدرجة الأولى مثلا.

2-أهمية القرابة: تترتب على القرابة الاحكام القانونية التالية[11]:

أ-الاحكام المتعلقة بالأسرة والميراث والشفعة: التوارث بين أقرباء النسب سواء كانت القرابة مباشرة او قرابة الحواشي والتعويضات المدنية عن الضرر الموروث الذي الحق بمورثهم والضرر الشخصي الذي اصابهم بسبب وفاة مورثهم، النفقة الملزمة للأصول على الفروع وللزوج على الزوجة وللفروع على الأصول اذا لم يكن لهم مورد، ولاية الأصل وما يترتب عليه في احكام الزواج والحضانة والوصاية. وعدم جواز الشفعة [12]في البيع بين الأصول والفروع وبين الأقارب الى الدرجة الرابعة.

ب-الاحكام المتصلة بالقضاء: يتم رد[13] القاضي اذا وجدت بينه اوبين زوجه واحد الخصوم او احد المحامين او احد وكلاء الخصوم قرابة حتى الدرجة الرابعة، كذا يمكن للخصم رد الخبير الذي تعينه المحكمة اذا كانت تربطه به قرابة، كما لا يجوز سماع شهادة أقارب احد الخصوم او اصهاره او زوج احد الخصوم و لو بعد الطلاق. ولا يجوز اتخاذ الإجراءات الجزائية في السرقات التي تقع بين الأقارب والحواشي والاصهار الى الدرجة الرابعة الا بناء على شكوى يقدمها المضرور وتوقف الإجراءات بتنازله عن الشكوى.



[1]” المادة 06 من الامر رقم 05/01 المؤرخ في 18 محرم عام 1426 الموافق 27 فبراير سنة 2005، يعدل ويتمم الامر رقم 70-86 المؤرخ في 17 شوال عام 1390 الموافق 15 ديسمبر سنة 1970 والمتضمن قانون الجنسية الجزائرية، ج ر عدد 15 المؤرخ في 27 فبراير 2005،ص.15.

[2]المادة 07 من الامر رقم 05/01، سابق الذكر، ص.15.

[3]هو حصول الأجنبي على جنسية الدولة بعد تعبيره عن ارادته في ذلك بتقديم طلب الى سلطة مختصة في الدولة بعد توافر الشروط المتطلبة وبعد موافقة تلك السلطة، على ان الدولة المقدم لها الطلب لها كامل السلطة التقديرية في قبول الطلب او رفضه رغم توفر كل الشروط المفروضة من طرفها، الامر الذي لا يتحقق في الجنسية الاصلية التي تمنح بموجب القانون بمجرد توافر شروطها.

[4]إضافة الى شروط أخرى منصوص عليها، ويبقى حق الرفض قائما لوزير العدل، طبقا للمادة 10 من الامر 70-86 المعدل والمتمم، المؤرخ في 17 شوال عام 1390 الموافق 15 ديسمبر سنة 1970 والمتضمن قانون الجنسية الجزائرية، ج ر عدد 150 المؤرخة في 18 ديسمبر سنة 1970، ص.1571 .

[5]المادة 09 مكرر من الامر رقم 70/86 المعدل والمتمم ، سابق الذكر .

[6]نص علي هذه الحالة التشريع الجزائري بموجب المادة 11 من الامر رقم 70/86 المعدل والمتمم، سابق الذكر .

[7] المادة 32 من القانون المدني الجزائري

[8] محمد احمد المعداوي، المدخل للعلوم القانونية نظرية الحق، كلية الحقوق، جامعة ابها، مصر، دون سنة نشر،ص.60.www.pdffactory.com

[9] المادة 34 قانون مدني جزائري

[10] المادة 35 من القانون المدني الجزائري.

[11] زواوي فريدة

[12] الشفعة هي حلول الشخص محل المشتري.

[13] يقصد بالرد الاعتراض على قبول القاضي حكما والخبير خبيرا في القضية.