مقدمة:
قبل عرض الدعوى على القضاء هناك مرحلة تسبقها وهي مرحلة تمهيدية يتم فيها ضبط المجرم؛ والتحري عن الجريمة؛ وجمع الأدلة، وتسمى هذه المرحلة بمرحلة البحث والتحري وجمع الاستدلالات، وهي مرحلة تسبق تحريك الدعوى العمومية، وفي نهاية هذه المرحلة يتحدد ما إذا كان من الضروري تحريك الدعوى العمومية أو حفظ الأوراق، ويسيطر على هذه المرحلة جهاز يعرف في قانون الإجراءات الجزائية بالضبطية القضائية أو الشرطة القضائية، حيث يقوم هذا الجهاز بتهيئة القضية وتقديمها للنيابة العامة، فهي مرحلة سابقة عن العمل القضائي، وبالتالي يجب أن تطبع بطابع المشروعية ؛ بمعنى لا يجوز مباشرتها إلا من قبل من خول لهم القانون ذلك[1]. ولهذا فقد عهدت هذه المرحلة إلى أعضاء الضبطية القضائية، حيث منحهم القانون العديد من الاختصاصات عادية كانت أم استثنائية؛ وهم يخضعون اثناء قيامهم بها إلى رقابة النيابة العامة وإشراف غرفة الاتهام؛ فلا يقصد بهم فقط من ينتمي إلى سلك الشرطة القضائية، أو من يحمل صفة ضابط فحسب بل حتى الأعوان يتمتعون بهذه الصفة[2].
المبحث الأول:
هيكلة ونظام الضبطية القضائية.
المبحث الأول: هيكلة ونظام الضبطية القضائية.
في إطار مكافحة الجريمة نميز بين الشرطة القضائية (الضبط القضائي)، والشرطة الإدارية (الضبط الإداري)، حيث تقوم قوات الأمن بصفة عامة بمهمة المحافظة على النظام العام والسكينة العامة داخل التراب الوطني، ومن أجل القيام بذلك تنقسم هاذين القسمين، والأصل أن جميع أعوان الأمن يحملون صفة الضبط الإداري.
فتتمثل وظيفة الشرطة القضائية في إثبات وقوع إثبات الجرائم والبحث عن مرتكبيها؛ ويتولاها ضباط وأعوان الشرطة القضائية وتحكمها نصوص قانون الإجراءات الجزائية، والقيام بهذا يكون دائماً بعد وقوع الجريمة، أما الضبطية أو الشرطة الإدارية فتتمثل وظيفتها في منع وقوع الجريمة والوقاية منها عن طريق المحافظة على النظام العام والأمن العام والسكينة العامة وحماية الأفراد في أرواحهم وأعراضهم وأموالهم والقيام بها يكون قبل وقوع الجريمة، فهي وظيفة إدارية تحكمها الأنظمة واللوائح والقوانين الخاصة.
لإقرار الأمن والسكينة والوقاية من الجريمة وضبطها قبل وقوعها تنهض الدولة بالنشاط البوليسي عبر جهازي الشرطة الإدارية والقضائية. والمعمول به في معظم الدول أن رجال الشرطة يجمعون بين الوظيفتين الإدارية والقضائية، لكن هذا لا يعني أن كل رجال الشرطة من الضبط القضائي، فقد حددت المادة 14 من قانون الإجراءات الجزائية من يشملهم الضبط القضائي.
فيطلق قانون الإجراءات الجزائية على القائمين بمهمة البحث والتحري وجمع الاستدلالات اسم ضباط الشرطة القضائية وأعوانهم؛ والموظفين والأعوان المكلفين ببعض مهام الضبطية القضائية، وقد اهتم قانون الإجراءات الجزائية ببيان من تثبت لهم هذه الصفات.
المطلب الأول: ضباط الشرطة القضائية.
تنص المادة 15 من قانون الإجراءات الجزائية على ما يلي:" يتمتع بصفة ضباط الشرطة القضائية:
1- رؤساء المجالس الشعبية البلدية.
2- ضباط الدرك الوطني.
3- الموظفون التابعون للأسلاك الخاصة للمراقبين ومحافظي وضباط الشرطة للأمن الوطني.
4- ضباط الصف الذين أمضوا في سلك الدرك الوطني ثلاث (03) سنوات على الأقل؛ وتم تعيينهم بموجب قرار مشترك صادر عن وزير العدل حافظ الأختام ووزير الدفاع الوطني بعد موافقة لجنة خاصة.
5- الموظفون التابعون للأسلاك الخاصة للمفتشين وحفاظ وأعوان الشرطة للأمن الوطني الذين أمضوا ثلاث (03) سنوات على الأقل بهذه الصفة؛ والذين تم تعيينهم بموجب قرار مشترك صادر عن وزير العدل ووزير الداخلية والجماعات المحلية بعد موافقة لجنة خاصة.
6- ضباط وضباط الصف التابعين للمصالح العسكرية للأمن الذين تم تعيينهم خصيصاً بموجب قرار مشترك بين وزير الدفاع الوطني ووزير العدل.
يحدد تكوين اللجنة المنصوص عليها في هذه المادة وتسييرها بموجب مرسوم[3]."
نستخلص من هذه المادة أن هناك فئتان من ضباط الشرطة القضائية.
الفرع الأول: ضباط الشرطة القضائية المعينون بقوة القانون.
هناك فئة من جهاز الضبط القضائي تضفي عليها صفة ضباط الشرطة القضائية بقوة القانون وذلك بمجرد توافر صفة معينة في المترشح يحددها القانون دون حاجة لاستصدار ذلك بقرار، وقد حددت في المادة 15 وهم:
- رؤساء المجالس الشعبية البلدية. - ضباط الدرك الوطني. - الموظفون التابعون للأسلاك الخاصة للمراقبين ومحافظي وضباط الشرطة للأمن الوطني.
الفرع الثاني: صفة الضباط المعينون بموجب قرار.
وهي فئة ثانية من جهاز الضبط القضائي لا تضفى عليها صفة ضباط الشرطة القضائية إلا بعد أن ترشح لذلك بموجب استصدار قرار مشترك من الوزيرين المعنيين وزير الدفاع أو وزير الداخلية من جهة؛ ووزير العدل من جهة أخرى، وهو قرار يعني الفئات التي حددها قانون الإجراءات الجزائية فقط؛ لأن الصفة وحدها لا تكفي بل يجب أن يكون المترشح لصفة ضباط الشرطة القضائية من الفئات التي حددها قانون الإجراءات الجزائية في البنود 04، 05، 06، وكذا أن يكون قد أمضى في الخدمة ثلاث (03) سنوات على الأقل وأن توافق اللجنة الخاصة على إضفاء صفة ضابط الشرطة القضائية عليه، باستثناء ضباط وضباط الصف التابعين للمصالح العسكرية للأمن الذين لم يشترط القانون بشأنهم لا شرط الصفة ولا المدة ولا موافقة اللجنة ؛ وإنما اشترط شرطاً واحداً وهو أن يكون المترشح من ضباط وضباط الصف التابعين للمصالح العسكرية للأمن[4]، وهذه الفئة هم:
- ضباط الصف الذين أمضوا في سلك الدرك الوطني ثلاث (03) سنوات على الأقل؛ وتم تعيينهم بموجب قرار مشترك صادر عن وزير العدل حافظ الأختام ووزير الدفاع الوطني بعد موافقة لجنة خاصة[5].
- الموظفون التابعون للأسلاك الخاصة للمفتشين وحفاظ وأعوان الشرطة للأمن الوطني الذين أمضوا ثلاث (03) سنوات على الأقل بهذه الصفة؛ والذين تم تعيينهم بموجب قرار مشترك صادر عن وزير العدل ووزير الداخلية والجماعات المحلية بعد موافقة لجنة خاصة.
- ضباط وضباط الصف التابعين للمصالح العسكرية للأمن الذين تم تعيينهم خصيصاً بموجب قرار مشترك بين وزير الدفاع الوطني ووزير العدل.
المطلب الثاني: أعوان الشرطة القضائية (أعوان الضبط القضائي).
ويطلق عليهم أعوان ضباط الشرطة القضائية، وحسب نص المادة 19 من قانون الإجراءات الجزائية يُعد من أعوان الضبط القضائي ثلاث فئات هم:
- موظفو مصالح الشرطة. – وضباط الصف في الدرك الوطني. – ومستخدمو المصالح العسكرية للأمن[6] . الذين ليست لهم صفة ضباط الشرطة القضائية.
كما يعتبر من أعوان الشرطة القضائية أعوان الشرطة البلدية، حيث يلزم هؤلاء بإرسال محاضرهم إلى وكيل الجمهورية عن طريق ضابط الشرطة القضائية الأقرب حسب نص المادة 26 من قانون الإجراءات الجزائية.
المطلب الثالث: الموظفون والأعوان المكلفون ببعض مهام الشرطة أو الضبطية القضائية
لم يحصر القانون الجزائري صفة الضبطية القضائية في الأعوان الذين أوردتهم المادة 19 من قانون الإجراءات الجزائية؛ بل وسع مجال إضفائها لفئات أخرى من الموظفين والأعوان، وهم من فئة العاملين والموظفين في الدولة، فأضفى على فئة صفة أعوان الشرطة القضائية مباشرة، بينما أحال بعض الفئة إلى القوانين الخاصة لإمكانية إضفائها لهذه الصفة عليهم. ويمكن تصنيف هؤلاء الموظفين والأعوان إلى ثلاث فئات وهم:
الفرع الأول: الموظفون المختصون في الغابات وحماية الأراضي واستصلاحها.
نصت عليهم المواد من 21 إلى 25 من قانون الإجراءات الجزائية، حيث تنص المادة 21 على ما يلي: " يقوم رؤساء الأقسام والمهندسون والأعوان الفنيون والتقنيون المختصون في الغابات وحماية الأراضي واستصلاحها بالبحث والتحري ومعاينة جنح ومخالفات قانون الغابات وتشريع الصيد ونظام السير وجميع الأنظمة التي عينوا فيها بصفة خاصة وإثباتها في محاضر ضمن الشروط المحددة في النصوص الخاصة."
الفرع الثاني: الموظفون وأعوان الإدارات والمصالح العمومية الذين منحت لهم بعض مهام الضبطية القضائية بموجب نصوص خاصة.
أشارت المادة 27 من قانون الإجراءات الجزائية إلى هؤلاء الموظفين، ومن بين النصوص التي تضمنتها هذه المادة هو قانون الجمارك، وقانون الأسعار وقمع الغش، وقانون الضرائب، وقانون علاقات العمل، وقانون تنظيم السجون وإعادة لإدماج الاجتماعي للمساجين...الخ.
الفرع الثالث: الولاة.
أجاز القانون للولاة القيام بمهام الضبطية القضائية لكن لا يكون ذلك إلا في الجنايات والجنح التي ترتكب ضد أمن الدولة، وأن يكون ذلك في حالة الاستعجال، وكذا إذا لم تكن السلطة القضائية المختصة قد أخطرت بالجريمة طبقاً لنص المادة 28 من قانون الإجراءات الجزائية.
المبحث الثالث: الاختصاص.
يناط بالضبط القضائي مهمة البحث والتحري عن الجرائم المقررة في قانون العقوبات والقوانين المكملة له وجمع الأدلة، وتمارس في حدود اختصاصها كافة الإجراءات التي يقررها القانون، فضباط الشرطة القضائية المحددين في المادة 15 من قانون الإجراءات الجزائية هم المكلفين قانوناً بمهمة البحث والتحري.
وتنحصر سلطة ومهام أعوان الضبط القضائي المنصوص عليهم في المادة 19 من قانون الإجراءات الجزائية في مساعدة الضباط ومعاونتهم في أداء مهامهم، فتنص المادة 20 ق إ ج:" يقوم أعوان الضبط القضائي الذين ليست لهم صفة ضابط الشرطة القضائية بمعاونة ضباط الشرطة القضائية في مباشرة وظائفهم ويثبتون الجرائم المقررة في قانون العقوبات ممتثلين في ذلك لأوامر رؤسائهم مع الخضوع لنظام الهيئة التي ينتمون إليها، ويقومون بجمع كافة المعلومات الكاشفة عن مرتكبي تلك الجرائم[7]."
أما الأعوان والموظفين المخولين بعض سلطات الضبطية القضائية، فيما يميز سلطاتهم أنها سلطة خاصة تتحدد بنطاق عملهم العادي أو الإداري، فيبحثون ويتحررون عن الجرائم التي ترتكب انتهاكاً للنظام القانوني الذي ينظم وظيفتهم كرجال الجمارك، فهم يختصون في مجال البحث والتحري عن الجريمة الجمركية دون غيرها، فيقتصر عملهم على ضبطها ومعاينتها دون اتخاذ إجراءات فيها مساس أو تعرض للحرية الفردية، وهذا ما جاء في الفقرة الثانية من المادة 22 ق إ ج"...لا يسوغ لهم الدخول في المنازل...إلا بحضور أحد ضباط الشرطة القضائية... [8]" فالمبادئ القانونية تقرر بأن عون الجمارك عند ضبطه لشخص متلبس بجريمة جمركية؛ وبعد اتخاذ الإجراءات التي يخولها له القانون يقتاده إل أقرب مركز للشرطة أو الدرك الوطني في حدود ما يسمح به القانون طبقاً لنص المادة 61 من ق إ ج، وحتى ضباط الشرطة القضائية المحددين في نص المادة 15 من ق إ ج لم يخصهم القانون باتخاذ الإجراءات التي تتعرض للحرية الفردية إلا استثناءً طبقاً لنص المادة 51 من ق إ ج.
وإن اختصاص ضباط الشرطة القضائية يتحدد باختصاص مكاني ويحكم هذا الاختصاص ضابط ما إذا كان مختصاً اختصاصاً عاماً أو خاصاً، ويحكم اختصاصهم ضابطان هما الضابط المكاني والنوعي.
المطلب الأول: الاختصاص المكاني.
يثبت لأعضاء الشرطة القضائية وأعوانهم اختصاصاً مكانياً يقرر في نطاق إقليمي يسمى دائرة الاختصاص المكاني، ويتحدد مدى هذا الاختصاص ونطاقه بحسب صفة الضبطية القضائية، وبحسب نوع الجريمة، فيكون اختصاصاً محلياً أو وطنياً.
الفرع الأول: الاختصاص المحلي.
هو المجال الذي يباشر فيه الضابط مهامه في البحث والتحري، ويتحدد هذا الاختصاص بنطاق الحدود التي يباشر فيها نشاطه العادي؛ فتنص المادة 16/1 من ق إ ج:" يمارس ضباط الشرطة القضائية اختصاصهم المحلي في الحدود التي يباشرون فيها وظائفهم العادية... وفي كل مجموعة سكنية عمرانية مقسمة إلى دوائر للشرطة..."
الفرع الثاني: الاختصاص الوطني.
إن قانون الإجراءات الجزائية قد وسع أحياناً في الاختصاص، حيث يثبت لعضو الضبطية القضائية اختصاصاً إقليمياً وطنياً بحسب الصفة الأصلية للمنتمي، أو بحسب طبيعة الجريمة، أو بكيليهما. فقد وسع القانون في الاختصاص الإقليمي فجعله وطنياً استثناءً أحياناً وأصلاً عاماً أحياناً أخرى.
أولاً: ضباط الشرطة من مصالح الأمن العسكري ( بحسب الصفة الأصلية للمنتمي).
بالنسبة للضبط وضبط الصف في مصالح الأمن العسكري وسع المشرع في اختصاصهم المكاني إلى كامل التراب الوطني ليكون وطنياً، فتنص المادة 16/6 ق إ ج بأنه: " لا تطبق أحكام الفقرات الثانية والثالثة والرابعة والخامسة من هذه المادة على ضباط الشرطة القضائية للأمن العسكري الذين لهم الاختصاص على كافة التراب الوطني."
ثانياً: معاينة بعض الجرائم الخاصة ( بحسب طبيعة الجريمة).
يقرر لضباط الشرطة القضائية مهما كانت جهة انتمائهم الأصلية اختصاصاً مكانياً في البحث والتحري ومعاينة جرائم معينة وهذا ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 16 من ق إ ج بقولها:" غير أنه فيما يتعلق ببحث ومعاينة جرائم المخذرات والجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية والجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات وجرائم تبييض الأموال والإرهاب والجرائم المتعلقة بالتشريع الخاص بالصرف، يمتد اختصاص ضباط الشرطة القضائية إلى كامل الإقليم الوطني. [9]"
ما يميز هذا الاختصاص المكاني الوطني، وأنه اختصاص عام يشمل جميع ضباط الشرطة القضائية وأعوانهم مهما كانت جهة انتمائهم الأصلية، عكس الاختصاص الوطني الأول العادي الذي يخول لضباط الشرطة القضائية التابعين لمصالح الأمن العسكري دون غيرهم، حيث أن القانون لم يقيدهم بنوع معين من الجرائم، حيث أطلق يدهم في البحث والتحري عن جميع أنواع الجرائم دون استثناء.
المطلب الثاني: امتداد الاختصاص المحلي وضوابطه.
إن قانون الإجراءات الجزائية ولضرورات معينة يقرر إمكان امتداد الاختصاص المحلي لأعضاء الضبطية القضائية، هذا الامتداد يكون في حالات معينة؛ وتحكمه ضوابط محددة.
الفرع الأول: امتداد الاختصاص المحلي.
يجيز القانون تمديد الاختصاص المحلي لضباط الشرطة القضائية في حالة الاستعجال، أو بناءً على طلب من السلطة القضائية المختصة، وهذا ما أشارت إليه المادة 16/2 يقولها: "إلا أنه يجوز لهم في حلة الاستعجال أن يباشروا مهمتهم في كافة دائرة اختصاص المجلس القضائي الملحقين به" وتنص المادة 16/3 على أنه:" يجوز لهم أيضاً في حالة الاستعجال أن يباشروا مهمتهم في كافة الإقليم الوطني إذا طلب منهم أداء ذلك من القاضي المختص قانوناً..." وهذا تطبيقاً لحكم المادة 13 من ق إ ج التي تقرر على أنه:" إذا ما افتتح التحقيق فإن على الضبط القضائي تنفيذ تفويضات جهات التحقيق وتلبية طلباتها[10]." وكذا تطبيقاً للمادة 138 من نفس القانون والتي تنص على أنه:" يجوز لقاضي التحقيق أن يكلف بطريق الإنابة القضائية أي قاضٍ من قضاة محكمته أو أي ضابط من ضباط الشرطة القضائية المختص بالعمل في تلك الدائرة...بالقيام بما يراه لازماً من إجراءات التحقيق... [11]" يساعدهم ضابط الشرطة القضائية الذي يمارس وظائفه في المجموعة السكنية المعنية.
وحالة الاستعجال تفسر من قبل بعض الفقه بالحالات التي يخشى معها ضياع الدليل فيما يوسعها جانب من الفقه لتشمل ضرورة البحث والتحري أي الضرورة الإجرائية التي تقتضي التوسع في الاختصاص المحلي[12].
ويختلف امتداد الاختصاص المحلي المقرر في المادة 16 الفقرة الثانية عن امتداده المقرر في الفقرة الثالثة، رغم أن الاستعجال يجمعهما ألا أن التمديد المقرر في الفقرة الثانية يضل اختصاصاً محلياً محدداً بالدائرة الإقليمية للمجلس القضائي، بينما الامتداد الوارد في الفقرة الثالثة فهو اختصاص وطني لكنه لا يمتد إلا بناءً على طلب من السلطة القضائية المختصة فضابط الشرطة القضائية هنا يكون ملزم بتنفيذ تفويضات جهات التحقيق.
الفرع الثاني: ضوابط انعقاد الاختصاص المحلي.
لم يحدد قانون الإجراءات الجزائية ضوابط انعقاد الاختصاص المحلي لضباط الشرطة القضائية عند تحديد اختصاصهم المكاني، ولذا يجب العودة للقواعد العامة المحددة لهذه الضوابط عند تحديد الاختصاص المحلي للقضاة، أي القواعد التي تحدد سبل انعقاد الاختصاص لكل من وكيل الجمهورية وقاضي التحقيق والواردة في المادتين 37 و40 من ق إ ج، حيث نصت المادة 37 على ما يلي:" يتحدد الاختصاص المحلي لوكيل الجمهورية بمكان وقوع الجريمة؛ وبمحل إقامة أحد الأشخاص المشتبه في مساهمتهم فيها؛ أو بالمكان الذي تم في دائرته القبض على أحد هؤلاء الأشخاص حتى ولو حصل هذا القبض لسبب آخر... [13]" فيما تنص المادة 40/1 على أنه:" يتحدد اختصاص قاضي التحقيق محلياً بمكان وقوع الجريمة؛ أو بمحل إقامة أحد الأشخاص المشتبه في مساهمتهم في اقترافها؛ أو بمحل القبض على أحد هؤلاء الأشخاص حتى ولو كان هذا القبض قد حصل لسبب آخر... [14]"
فبالنسبة لمكان ارتكاب الجريمة فقد تكون الجريمة قد وقعت في الدائرة الإقليمية لاختصاص عضو الضبطية القضائية، ويستند مكان ارتكاب الجريمة إلى عناصر الركن المادي للجريمة فيكون مكان ارتكابها هو مكان إتيان الفعل المادي كاملاً ، وإذا تعددت أمكنة ارتكاب الجريمة المتكونة من مجموعة أفعال فيكون مختصاً بالتحري فيها كل ضابط شرطة قضائية وقع في دائرة اختصاصه أحد تلك الأفعال المكونة للجريمة[15].
فيما يقصد بمكان إقامة المشتبه فيه بارتكاب الجريمة؛ المكان الذي يقيم فيه والذي يدخل في دائرة الاختصاص الإقليمي لضابط الشرطة القضائية، أي محل الإقامة المعتاد، وفي حالة تعدد المشتبه فيهم ينعقد الاختصاص للضابط بمقر الإقامة المعتاد لأحد المشتبه في أنهم ساهموا فيها.
وفي حالة ما إذا لم يتوافر العنصران الأول والثاني فإن الاختصاص ينعقد بناءً على مكان القبض على المشتبه فيه وبغض النظر عن سبب هذا القبض،
المبحث الثاني اختصاصات رجال الضبطية القضائية.
المبحث الثاني: إخصاصات رجال الضبطية القضائية.
[1]-
[2]-
[3]-
[4]- عبد الله اوهايبية، ص204 و205.
[5]- تعديل 2019
[6]- تعديل 2019
[7]- المادة 20 ق إ ج
[8]- أنظر المواد 21 و 22 و27 و28 ق إ ج والمادة 50 من قانون الجمارك.
[9]- المادة 16 من ق إ ج
[10]- المادة 13 من ق إ ج
[11]- المادة 138 من ق إ ج
[12]- محمود محمود مصطفى، شرح قانون الإجراءات الجنائية، ط 11، 1976، ص207.
[13]- المادة 37/1 من ق إ ج
[14]- المادة 40 من ق إ ج
[15]- محمود نجيب حسني، شرح قانون الإجراءات الجزائية، ص378.
- Teacher: Abdelrahmane Barkaoui