إنَّ قصيدة النثر اقترنت بطموح جمهور من الشعراء كانوا يصبون إلى الانقلاب على سلطان القواعد إلى عالم رحب الآماد ، مترامي التخوم ، مفعم بالحرية ،.. إنه عالم النثر الذي وصف بأنَّه " يسير في طريق من صنعه ، وله الخيار في كل خطوة يخطوها.. ومن ثمَّ يجد تسجيل الحياة ذات الخصائص والمظاهر المتنوعة "(3).
وعليه كان النزوع إلى الحرية من البوادر الأولى لظهور قصيدة النثر ، ولاسيما حين أخذ فريق من الأدباء يشعرون أنَّ الكتابة زقاق غير نافذ – على رأي رولان بارت – وبعبارة أخرى حين غدا الشعر تعاملاً فرديًا مع الألاعيب اللفظية ، واتباعًا مشوَّهًا للقواعد الأكثر فنيَّةً ، لذلك فقد كان أكثر إيناسًا من الأحاديث الاعتياديَّة(4).
أما الشكل في الشعر الكلاسيكي فما عاد أكثر من وعاء يبحث عمَّن يملؤه ، وكان هذا الملء مبتغى الشعراء وشغلهم الشاغل ، وعليه جاءت قصيدة النثر - بوصفها بحثًا عن اتجاه شعري حر – لتطيح بمظاهر الجمود والركاكة والصيغ التي لاكتها العادة ، وأفرغها التكرار من روحها ، مع الاحتراز من أنَّ هذا الظهور لا تمليه – بالضرورة – طبيعة الموقف الأدبي وقتذاك بقدر ما يشير إلى أنها خروج هادف مقصود.
- Teacher: moulette ouali