مع ظهور مبحث الأسلوبيّـة على السّاحة النقديّــة، أثيرت أسئلة كثيرة حول علاقة هذا الوافد بالبلاغة العربيّــة، وتكاد الدراسات العربيّة تـجمع على وقوع الصلّــة بين الأسلوبيـّة الحديثة والبلاغة القديـمة، هذا الفن الضارب بـجذوره بعيدًا في الـمعرفة الإنسانيّة. وهنا يشير مـحمد النّاصر العجمي في كتابه (النقد العربيّ الحديث ومدارس النقد الغربيّة) إلى أنّ الدارسين العرب لم يولوا هذا الـموضوع من العنايّة ما أولوه لـموضوع العلاقة بين اللّسانيات والأسلوبيّة، ماعدا "بعض الفصول القصيرة الـمفردة له في دراسات قليلة، فإنّ غاية ما يطالعنا إشارات عابرة مبثوثة في مواطن متفرقة وواردة في معرض التعريف بالأسلوبيّة والخوض في مشكليّة تـحديد موقعها من صنوف الـمعرفة الأخرى المرتبطة على نـحو أو آخر بالأسلوبيّة." ويضيف أنّ الـمتفحص لطريق معالـجتهم لـموضوع تلك العلاقة بين العلمين يتبيّن من خلالـها أنّـهم "وقفوا على الكليات دون الـجزئيات، وألـحوا على الـمبادئ التأسيسيّة دون العوامل العارضة أو الفوارق الجزئيّة القائمة بين المبحثين."