يشتمل نظام محاسبة التسيير على مجموعة من الأدوات والأساليب التي توفر معلومات يمكن استغلالها في اتخاذ القرار، وذلك لأهداف داخلية كالتخطيط، الرقابة، تقييم الأداء وكذا بناء التصور من أجل اختيار التوجهات المستقبلية والإستراتيجية للمؤسسة، غير أنه قد لوحظ عن هذه الأدوات أنها أصبحت قاصرة لكونها تهتم فقط بالبيانات المالية المتعلقة بالبيئة الداخلية للمؤسسة، وبالتالي لا تتلاءم مع البيئة التنافسية الحديثة. هذا ما أظهر الحاجة إلى تطوير أدوات محاسبة التسيير لجعلها توفر بيانات تخدم الأغراض التنافسية، بحيث تأخذ بعين الاعتبار التطورات التكنولوجية ( تراجع إدخال الآلة والاعتماد على اليد العاملة، الإنتاج في الوقت المحدد، التحكم الآلي في العملية الإنتاجية...)، متطلبات الجودة ورغبات المستهلكين، تحركات المنافسين ومستويات ربحيتهم وتكاليفهم، وتحليل البيئة الخارجية من حيث الفرص والتهديدات.

من هذا المنطلق سعي المهتمين بحقل المعرفة المتعلق بمحاسبة التسيير إلى محاولة ربطها بالإدارة الإستراتيجية من أجل تطويرها وجعلها توفر معلومات للمسيرين تتميز بالدقة والأهمية، لأن نوعية هذه المعلومات سوف تنعكس على قراراتهم وبالتالي على مستقبل المؤسسة. وهو ما أدى إلى تطوير دور محاسب التسيير من كونه يقوم بجمع المعلومات وتبويبها وإعطائها تفسير ودلالة إلى مشارك ومساهم في اتخاذ القرار وبناء إستراتيجية المؤسسة، وذلك من خلال دوره الاستشاري حول التوقعات المستقبلية لتكاليف المشروع وربحيته وتهديدات المنافسين من حيث هيكلة تكاليفهم وإيراداتهم.

للوفاء بهذه الاحتياجات تم تطوير العديد من الأدوات في إطار الربط بين محاسبة التسيير والإدارة الإستراتيجية في شكل محاسبة التسيير الإستراتيجية وهو موضوع دراستنا في هذا المقياس، من خلال المحاضرات التالية: